إسرائيل محتارة ومتوتّرة.. فاقدة للصبر ومستعجلة لإغلاق الدائرة.. وفي غزة: “الله مع الصابرين”

إسرائيل محتارة ومتوتّرة.. فاقدة للصبر ومستعجلة لإغلاق الدائرة.. وفي غزة: “الله مع الصابرين”

  • إسرائيل محتارة ومتوتّرة.. فاقدة للصبر ومستعجلة لإغلاق الدائرة.. وفي غزة: “الله مع الصابرين”

اخرى قبل 12 شهر

إسرائيل محتارة ومتوتّرة.. فاقدة للصبر ومستعجلة لإغلاق الدائرة.. وفي غزة: “الله مع الصابرين”

وديع عواودة

الناصرة-

تبدو إسرائيل فاقدة للصبر وسط توتّر كبير، وفي حالة شلل مربك وخوف من فقدان “صورة الانتصار” وتبّدد “قوة الردع المستعاد” في ظل اختيار المقاومة الفلسطينية التريّث وعدم الرد الفوري على جريمة اغتيال 3 من قادة سرايا القدس، بخلاف تجارب الماضي.

وتبدو إسرائيل الرسمية وغير الرسمية حائرة في سلوك المقاومة الفلسطينية، وسط بحث عن أجوبة لاستنكافها عن الردّ الفوري وعن السينايوهات المفتوحة، خاصة ما يتعلق بموقف حركة حماس، وسط تساؤلات عن استخدام وسيلة جديدة غير متوقعة ولم يحسب لها حساب في إسرائيل، وهو استنزافها بالصمت والنفس الطويل، لا سيما أن عشرات الآلاف وأكثر من الإسرائيليين في جنوب البلاد، لا يعملون ولا يتعلمون لليوم الثاني على التوالي، علاوة على الضغوط النفسية في انتظار رد الفعل من غزة.

وربما هذا ما يدفع قادة الاحتلال لتكرار تهديداتهم بالمزيد من الاغتيالات ومزيد من القتل. فقال على سبيل المثال، عضو “الكابينيت” الوزير يسرائيل كاتس للإذاعة العبرية صباح اليوم الأربعاء، إن إسرائيل لن تتردد في اغتيال واستهداف قادة المقاومة الفلسطينية. وسُئل كاتس عن غضب نتنياهو عليه بعدما هدد أمس بقطع رأس يحيى السنوار ومحمد ضيف كما نشرت وسائل إعلام عبرية، فقال: “لا هذا غير صحيح. غادرت اجتماع الكابينيت لأوضح موقف الحكومة بتكليف من رئيسها وما نشر غير صحيح”.

تبدو إسرائيل الرسمية وغير الرسمية حائرة في سلوك المقاومة الفلسطينية، وسط بحث عن أجوبة لاستنكافها عن الردّ الفوري على جريمة الاغتيال

وكانت مصادر صحافية إسرائيلية، قالت إن نتنياهو قام بتوبيخ كاتس بعد إطلاق تهديدات منفلتة لحماس، وقالت إن نتنياهو يخشى أن تؤدي مثل هذه التهديدات لإقحام الحركة في المعركة.

معركة على الوعي

لكن كاتس بدا غير مقنع عند حديثه عن بقاء مئات آلاف الإسرائيليين في حالة “شلل” في انتظار الرد الفلسطيني. وفي هذا المضمار يدعو الباحث المحاضر في شؤون الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب، ميخائيل ميليشتاين، للتنبه وفهم المعركة الحالية غير الواضحة، لافتا لتصعيد دون نار، ولوجود فجوة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في فهم الزمن.

وعن ذلك قال في حديث للإذاعة العبرية العامة، إنه بالنسبة للفلسطينيين، فإن “الله مع الصابرين”، بينما إسرائيل مستعجلة في أمرها، تعيش وكأنها في ماراثون وتريد كل شيء بسرعة. ويتابع: “نحن نسارع كي نصل لخط النهاية وننتظر كيف ومتى يردون على عملية “درع وسهم” وهذا الصمت هو إنجاز لحركة حماس بالأساس، التي تحقق منجزات معنوية وعملية. وعلى صعيد الوعي، فالجانب الفلسطيني هو الذي يقود العملية والمبادر لها. نحن نبالغ في سرد قصص لأنفسنا حينما نزعم أن حماس تتفرج وتقف على الحياد. عمليا، حماس هي كل شيء في القطاع، فهي السيدة وهي الحكومة.

ميليشتاين الذي يواظب على توجيه انتقادات لحكومات الاحتلال بشكل دائم لفقدان استراتيجية واضحة في التعامل مع القضية الفلسطينية بشكل عام، ومع قطاع غزة على وجه الخصوص، ينبّه إلى احتمال استمرار هذا الهدوء المشبع بالتوتّر عدة أيام وربما يأتي الرد من جنوب لبنان. وينبه أيضا أن حماس تنشط بصورة متعددة الأبعاد وفي عدة جبهات، وهي تدرك أن إسرائيل متوترة بينما هي واثقة ومتمهلة، وربما تنتظر موعدا آخرا للثأر مثل مسيرة الأعلام في القدس بعد أسبوع، وربما تبقي الحساب مفتوحا أكثر كما يحصل في منطقة الشرق الأوسط، وتابع: “المهم أن ننفض عن أنفسنا الأوهام”.

عدة مآرب

بحثت حكومة الاحتلال عن تحقيق عدة مآرب في جرائم الاغتيالات الجديدة لقيادات عسكرية في “سرايا القدس” مع أبناء عائلاتهم، أهمها استعادة ما يعرف بقوة ردعها وهيبتها بعد تلقيها أكثر من 100 صاروخ عقب استشهاد الشيخ خضر عدنان في سجنه مضربا عن الطعام، وتوجيه ضربة للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وقطع القنوات بينها وبين قطاع غزة، ومواصلة استراتيجية احتلال وعي الفلسطينيين وإخضاعهم بالصدمة والترويع بالقوة المفرطة والمباغتة القائمة على الغدر والخدعة والحيلة.

بالنسبة للفلسطينيين، فإن “الله مع الصابرين”، بينما إسرائيل مستعجلة في أمرها، تعيش وكأنها في ماراثون وتريد كل شيء بسرعة

لكن أوساطا إسرائيلية غير رسمية، تولي أهمية للحسابات الداخلية الحزبية والشخصية المرتبطة بحكومة الاحتلال الحالية ومستقبلها دفعت المحلل السياسي في القناة 12 العبرية عاميت سيغال، إلى القول إن عملية “درع وسهم” هي في الواقع عملية “سلم وشجرة” منوها لمبادرة عسكرية قادها نتنياهو لمنع تفكّك ائتلافه الحاكم، وإنزال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عن الشجرة بعدما جمّد مشاركة حزبه في اجتماعات الحكومة وفي التصويت على مشاريعها في الكنيست احتجاجا على ما وصفه بـ”الرد الإسرائيلي الهزيل” على صواريخ غزة.

يذكر أن بن غفير وبقية نواب حزبه “قوة يهودية” أعلنوا بعد تنفيذ جريمة الاغتيالات في غزة، عن عودتهم لاجتماعات الحكومة والبرلمان، مفاخرا بأنه لعب دورا في دفع الحكومة لاتخاذ القرار، داعيا لمزيد من الاغتيالات.

ويؤكد المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” يوسي فيرتر، على المنافع التي يجنيها نتنياهو، ويشير لحصوله على “سترة واقية جماهيرية” ويقول إن يوم الاغتيالات هو مثل اليوم الأكثر نجاحا له منذ توليه الحكم، وإعلانه عن التعديلات القضائية. ويعلل فيرتر ذلك بالقول/ “عاد نتنياهو ليكون رئيس الحكومة الذي يتعامل مع القضايا الأكثر أهمية، والذي يعمل بتناغم مع الأجهزة الأمنية ووزير الأمن الذي يمثل بالنسبة له سترة واقية أمام الجمهور”.

وتبعه محلل الشؤون العربية في الصحيفة، تسيفي بارئيل، الذي قال بشكل مباشر إن قادة “سرايا القدس” في موتهم أعادوا الحياة للائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وذلك في إشارة إلى إعلان بن غفير عن إنهاء مقاطعته جلسات الحكومة بعد الاغتيالات. من جهته، اعتبر المعلق السياسي الأبرز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنياع، أن الحسابات واضحة، بقوله إنه ليس هناك أوهام. فقد خرج نتنياهو رابحا من العملية العسكرية للجيش في غزة، فجمهوره يريد رؤيته مبادرا ومتخذا للقرار، يقتل الأشرار، وفق تعبيره. لكن المغامرة العسكرية ليست مضمونة النتائج دائما، ونتنياهو يعرف ذلك جيدا.

الحلول السياسية مفقودة

كما هو الحال لدى الطبقة السياسية، فإن جمهور المحللين والمعلقين الإسرائيليين يركّز في البحث عن حلول عسكرية لا سياسية للقضية الفلسطينية بشكل عام، أو قضية قطاع غزة المحاصر منذ 2007، ومن هؤلاء من يصب الماء على طاحونة صناع القرار، ومنهم محلل الشؤون الفلسطينية والعربية في موقع “واللا” آفي سخاروف، الذي يقول في تحليله اليوم، إن قطاع غزة لم يعد محصنا بعد الآن، زاعما أن إسرائيل نجحت بضرب الشخصيات الهامة للجهاد الاسلامي، وتمرير رسالة واضحة بأن من يريد إشعال الضفة الغربية سيدفع الثمن حتى لو كان يقوم بذلك من مكان سكنه في القطاع.

في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” يرى مئير بن شابات، مستشار مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقا، ومن قيادات جهاز الشاباك في السابق، أن الهدف الإسرائيلي من جريمة “درع وسهم” هو رفع ثمن التحرش بالدولة العبرية، وفيما يغفل هو الآخر الحلول السياسية، ولا يرى بها جزءا من الخيارات الممكنة، ويضيف: “أمام إسرائيل خياران كلاهما ليس سهلا: الأول هو احتلال القطاع وتغيير السلطة فيه، والثاني هو الحفاظ على الجولات القتالية التي تحافظ على الهدوء من خلال جولات قتال متكررة”.

ويزعم المحلل العسكري لصحيفة “يسرائيل هيوم” يؤاف ليمور، أن الأمر يتطلب أكثر من اغتيال ناجح لتغيير الواقع، وأن إسرائيل شرعت في عملية “درع وسهم” دون خيار تقريباً، معللا ذلك بالزعم أن “المشاغبات المستمرة من قبل حركة الجهاد الإسلامي، والتي بلغت ذروتها الأسبوع الماضي بإطلاق الصواريخ على سديروت، إلى جانب التآكل الخطير للردع في جميع القطاعات، لم تترك لإسرائيل خيارا سوى العودة إلى الأساسيات”.

أما الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، فيؤيد العودة للاغتيالات في القطاع، ويقول في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “اتركوا الجيش ليقوم بعمله. الاغتيالات هي وسيلة فعالة إذا تم استخدامها بشكل مدروس ونسبي، ويجب عدم تحويلها لقضية سياسية، أو إلزام الجيش باتخاذ موافقة السياسيين عليها”.

مصر مترددة في المباشرة بمحاولات التهدئة لأنها لا تعرف من صاحب القرار في إسرائيل، نتنياهو أم اليمين المتطرف

وفيما يدعو آيلاند للبحث عن صفقة اقتصادية مع حركة حماس من أجل تحييدها وتحاشي الدخول في مواجهة واسعة، قالت المحاضرة المختصة في الشؤون الفلسطينية، رونيت مرزان، إن المصلحة العليا تقتضي البحث عن حل سياسي للقضية الفلسطينية بما يشمل مفاوضات مع حماس إلى جانب السلطة الفلسطينية. وعن ذلك تابعت في حديث للإذاعة العبرية اليوم: “لنتذكر أن حركة حماس عدلت دستورها عام 2017 وباتت أكثر مرونة، وقبلت بتسوية الدولتين، لكن رئيس حكومتنا بنيامين نتنياهو وقتها قام بإلقاء هذه المعطيات في سلة المهملات”.

قتل الأطفال

وبرر قادة الاحتلال قتل النساء والأطفال الفلسطينيين بالزعم أن إسرائيل تفعل كل شيء لتحاشي المساس بالمدنيين، بعكس المقاومة الفلسطينية.

فيما تعاملت إسرائيل غير الرسمية مع الموضوع بخجل وبشكل هامشي. وفي هذا السياق تقول صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن مشاركة المستشارة القضائية للحكومة في اجتماع أمني مصغر، جاءت أيضا بسبب التخوف من محكمة الجنايات الدولية التي تدير تحقيقا ضد إسرائيل، وكأن مشاركتها تعتبر نوعا من الغطاء للجريمة التي نددّت بها أوساط عربية ودولية، ومن المفترض أن تبحثها الأمم المتحدة.

من جهتها، قالت محررة الشؤون العربية في الصحيفة سمدار بيري، في مقال بعنوان “الأزمة المصرية” إن مصر مترددة في المباشرة بمحاولات التهدئة لأنها لا تعرف من صاحب القرار في إسرائيل، نتنياهو أم اليمين المتطرف.

 

التعليقات على خبر: إسرائيل محتارة ومتوتّرة.. فاقدة للصبر ومستعجلة لإغلاق الدائرة.. وفي غزة: “الله مع الصابرين”

حمل التطبيق الأن